الترجمة الفارسية للإستاطيقا العربية: النهضة البلاغية عند رادوياني

ريبيكا روث غولد*

يتضح الفرق الذي صنعته النظرية الأدبية الإسلامية في سياقها الدولي إذا ما قارنا المحاكاة، مفهوم التمثيل الأدبي الذي يقدم الأساس للأنظمة الكلاسيكية والحديثة في الإستاطيقا، مع البلاغة التي تنطلق من أرض لغوية ذات اتجاه فيلولوجي، وذلك في نظرية كل من الأدبين الفارسي والعربي الكلاسيكيين.

بالنسبة أرسطو، مثل معلمه أفلاطون، كان الواجب المركزي في البويسيس هو تقديم (تمثيل) الواقع. وبالنسبة للنظرية الأدبية العرب / فارسية، كان واجب الشعر فيما يتعلق بتمثيل الواقع محدودا، بالمقارنة مع التعالي عليه. فالخيال الشعري يصنع خطابا يتجاوز المعطى باللغة الأدبية (1).

وحيثما أشار أرسطو للحبكة بصفة أنها عنصر أساسي في العمل الأدبي (2)، وضع نقاد الأدب العرب والفرس في المقدمة الدور الذي يلعبه التخيل (الخيال) في سبيل خلق نتاج أدبي. كان أرسطو ينظر لما يسمى “الفانتازيا، وهي الخيال باللغة العربية (أو التخيل، وهذه هي الكلمة الدقيقة لترجمة كلمة فانتازيا) مجرد “صورة خارجية، تسر السامع” ولكنها بالضرورة جانب سطحي من جوانب الخطابة (3). وفي النظرية الأدبية الكلاسيكية عند العرب كان التأكيد على “أن أحسن الشعر أكذبه”، وتحولت العبارة لشعار مشهور يدل على فعالية وكفاءة الشعر (4).

وستكون التقاليد الأدبية التي تعتبر أن أفضل الشعر هو الذي يكذب أكثر ضراوة في فرض وصاية من الخطابة والعقل على الخيال كما لدى أرسطو. أو للحكمة الفلسفية (صوفيا) كما لدى أفلاطون. وبالعكس من ذلك إن الإستاطيقا والواقع وحتى الواقع الحقيقي عند أفلاطون لن تكون بالضرورة غاية لخيال الشاعر العربي. وبالمقارنة مع مفهوم المحاكاة القائم على التماثل، تعتبر النظرية الأدبية عند العرب أن اللغة المجازية هي حاملة المعنى الشعري. ولطالما اهتمت النظرية الأدبية العربية بالدقة والبراعة. ولكن اندماجها بالفكر الأدبي العالمي يبقى منقوصا (5). وكذلك هو حال المساهمة التي قدمتها النظرية الأدبية الفارسية فيما يتعلق بتعريف مفهوم الخيال الأدبي. فهي لا تزال غامضة ولم تحصل على ما تستحق من عناية. ولكن على نحو مضطرد يتوسع اهتمام الاختصاصيين بالخلاف بين المساهمات العربية والفارسية. وقد أكد بو أوتاس أن “المظاهر الهائلة التي تراكمت بعد الاستعمالات الفارسية الشعرية وسواها من أشكال النشاط الأدبي سهل على الإستاطيقا أن تحتل موقعا رائدا ومسيطرا في اللغة، وأيضا في الثقافة، كما يراى الإيرانيون” (6). ومع أن هذا الحقل من البحوث لا يزال في المهد، فهو يمثل حقلا واعدا في مجال البحوث المقارنة داخل إطار النظرية الأدبية الدولية.

ولمزيد من البحث بهذا الاتجاه، تحاول هذه المقاربة، ولأول مرة باللغة الإنكليزية، أن تدلي بدلوها حول دور النص الذي دخل العالم من نقطة تقاطع التقاليد العربية والفارسية بهدف إضفاء مفهوم على المعرفة الأدبية. ونبدأ من محمد بن عمر رادوياني مفسر الخطابة (مؤلف: ترجمان البلاغة، ونختصره بـ الترجمان)، فقد توازى عمله مع الشخصية الفارسية الجديدة، أو اللغة الأدبية التي تشكلت بدمج المحكية الإيرانية بالمعجم والنص العربي. وكان قرض الشعر بالفارسية الجديدة قد بدأ منذ عصر روداكي ( 858- 940) والشاهنامة للفردوسي (حوالي 1025)، ولكن الاعتمادات المقدمة للفارسية الجديدة كانت نادرة مثل صيغ القواعد اللغوية. تقول إيفا جيرمياس عن الموضوع عن وجه حق:”لم يتعامل الإيرانيون مع الإشكالات القواعدية التي تعرض لها لسانهم الأم” خلال العصر الكلاسيكي من الأدب الفارسي الجديد (7). وبعد فترة من الوقت كتب الشاعر الهندو فارسي أمير خسرو (توفي 1258) يقول:

” الكلام المعسول بالفارسية

بلا نظام قواعد يضبطه أهل البيان

وأود أن أن أقوم بهذا الواجب

وأن أقوّم الأمور

ولكن الجميع يعرفون اللغة

ولا حاجة ماسة لذلك. (8).

وشهدت أواسط آسيا انتشارا سريعا للفارسية الجديدة برعاية من السامانديين ( القرنان 10 – 11 ) (9). وفي الوقت الذي بدأ فيه رادوياني أطروحته عن البلاغة، كان الفردوسي قد أنهى أهم ملحمة أدبية فارسية. وقاد رودكي ومجموعة من الشعراء الفرس غير المشهورين تأسيس جنس جديد وأعادوا الحياة للأجناس العربية (10). وكذلك برعاية من السامانديين ترجم بلعامي للفارسية تاريخ الرسل والملوك للطبري. وبالإضافة لهذا العمل الاستثنائي في ترجمة الخطاب التاريخي العربي إلى الفارسية، استمرت الكتابات المرجعية في شرق العالم الإسلامي ولعدة قرون، بعيد تأليف أطروحة رادوياني، وكانت بالتحديد وبشكل أساسي باللغة العربية. وعلى هذه الخلفية من الانقسام الألسني الذي تميز به هذا النشاط الدائب، تخصصت اللغة الفارسية بالشعر اللغة العربية بالبحوث، ولكن اختار رادوياني أن يكتب أطروحته عن البلاغة بالفارسية، وهو ما فتح الباب لحركة جديدة من الوعي الأدبي الفارسي. ومع أن السجلات المكتوبة في فترة معينة تجعل الأحكام المطلقة مستحيلة، يبدو “الترجمان” من عدة جوانب مثل سابقة أصيلة في حركة الأدب الفارسي الجديد. ولو اتبعنا طريقة أفضل لتوضيح أهمية هذا النص، لا بد من التطرق لأسلوبه باستيعاب وفهم سلسلة من المصطلحات الأدبية الحاسمة، قبل الانتقال إلى العلاقات الأوسع الناجمة عن هذه التصنيفات وتفريعاتها.

بضوء طريقة راودياني، التي تدمج في الأطروحة الترجمة مع الشرح، يجب الاهتمام، حيثما اقتضت الضرورة، بما تعرضت له بعض مفردات رادوياني من تحريف خلال ترجمتها إلى الإنكليزية، بسبب صعوبة الترجمة ذاتها. والمفهومات الأساسية، التي يجب أن تضعها في الذهن، هي التشبيه (المقارنة) والاستعارة (التحول) والتمثيل (المشابهة) والحقيقة (الواقع الحرفي) والمجاز (الواقع التجريدي) والمعاني (الفكرة) واللفظ (المنطوق).

وأرى وجود انزياح في العلاقة بين أول مصطلحين بسبب تحول الثقافة الأدبية في الشرق الإسلامي من العربية للفارسية. ونظرا لسيولة المعنى الذي أتابعه، كان كل تبدل من هذه الانزياحات عرضة للتساؤل، مع أن الترجمة سبقت بالضرورة دخول هذه المصطلحات إلى النظرية الأدبية العالمية.

ومع أنني ألح هنا على أهمية رادوياني في تاريخ نظرية الأدب الإسلامي، لدي ملاحظات إضافية لا بد منها.

مما لا شك فيه أن أطروحة كاملة عن نظرية الأدب الفارسي الجديد تحتاج لتحليل أعمق، ولكن أولا يجب الانتباه للعلاقة القائمة بين هذا العمل والدراسات الدولية المتعلقة بالشكل الأدبي، ولا سيما ما يتعلق بخصائص العلاقة بين التشبيه والاستعارة، والتي تجاوزت بشكل ملحوظ اختزال أرسطو كل المشابهات في صيغة واحدة هي الاستعارة. ولتوضيح طريقة راودياني في عمله، يجب أن نبدأ من قصيدة تصور العلاقة الحوارية بين الاستعارة والتشبيه وأسلوب تداخل الاستعارة مع التشبيه وذلك لتحديد وفهم مسارها التاريخي.

 

من الاستعارة إلى التشبيه

يعتبر مجير الدين بيلقاني، المعاصر لرادوياني، واحدا من أهم الشعراء المغمورين في القرن الثاني عشر في أذربيجان. وقد ترجم مجير نظرية البديع الشعرية ووجد تطبيقات عملية لها أصبحت جزءا من الحركة الجديدة للأدب الفارسي خلال هذا القرن كما في قوله (وهو بيت مديح لأحد الأمراء):

 

انوار مهرزآب رخش مستعار شد

امواج بحرازکف تومستعیرباد (11)

 

أشعة الشمس مستعارة من أشعة قوس قزح.

وأمواج البحر مستعارة من راحتك.

 

هنا مثل عدد لا يحصى من القصائد المعاصرة، تلعب كيمياء الشعر دورا مفسرا يضيف شيئا للدلالة الشعرية. بتعبير آخر إن مجير يعتمد على دور البلاغة في اللغة ليقدم لنا مزاعم أنطولوجية فيما يتعلق بالعلاقة بين اللغة والوجود. وأن تقول إن الشمس تعكس ضوء قوس قزح ليست ظاهرة وصفية مجردة (ريبورتاج) مثلما كان يفعل الشعراء الفرس قبيل عصر مجير. إن ما يلفت انتباهنا عند مجير هو اللغة التي عبر بها عن المشهد الطبيعي. فأشعة الشمس لا تنعكس وإنما تستعار. وليس صدفة أن تحيلنا هذه الاستعارة مباشرة إلى حركة الخيال في القصيدة وإلى المصطلح الفني المرافق وهو “الاستعارة” الذي تجده في البلاغة العرب / فارسية، والتي تشتق من اسم الفعل المعنى “أن تستعير”، شيئا غير عاقل يلتحق بشيء موجود آخر – وفي هذه الحالة الشمس التي تستعير من قوس قزح – وبفضل القدرة على الحركة من لغة إلى موجود ثم العودة إلى اللغة تتشكل القوة الدافعة التي تشحن وتقود استعارات مجير.

كل من المستعار والمستعير، وهما مصطلحان أساسيان في بيت الشعر بشطريه، يشتركان بالجذر العربي لكلمة الاستعارة وهو (ع ا ر)*. المستعار مشارك سلبي بينما المستعير مشارك إيجابي. والاستعارة، المجاز البلاغي، اسم لنفس هذا الجذر.

في الشطر الثاني من القصيدة، والتي تطلب من موجات البحر أن تأخذ خطوطها من يدي العاهل، نبلغ لحظة جديدة من تاريخ الاستعارة الأدبية، واستعمال مجير لكلمة “بحر” – التي تعني أيضا “العروض” في صياغة الكلام عند العرب والفرس. وهنا ما يستعير خطوط يد العاهل ليس العروض والقصيدة فقط. فصور أشعة الشمس المتتالية، وجه العاهل ويديه، وموجات البحر، تتآزر على التوالي لتعطي معنى الاستعارة دلالتها الأدبية. ومع أن العاهل كلمة إيجابية قواعديا في أول شطر من بيت الشعر، يحتل الضمير “هو” موقعا سلبيا في الشطر الثاني. فالشمس تستقبل الضياء من وجه العاهل، ويد العاهل تحفر خطوطها على موجات البحر. وهكذا هو الحال بالنسبة لجسم العاهل. وكذلك شعر مجير. فقصيدته تحوّل بتفاعلات عميقة المادة الملموسة في نصه: أشعة الشمس تصبح وجه العاهل، وموجات البحر تصبح يد العاهل. والعالم الطبيعي ينقلب إلى جسم بشري. وتصبح الذات الشعرية مركزا لفراغ تحتله عمليا أمكنة محدودة من كوننا الفسيح. وتضع قصيدة مجير العالم نحو الخارج. والحركة من الموجب إلى السالب في الشطر الأول تنتقل إلى السطر الثاني بالمنطق من ديالكتيك (تبادل) يقودنا من استعارة نفهمها كعملية استقراض إلى استقبال الصيغة الشعرية الجديدة ضمن وجود الكائن (12). وهذه الحركة تعيد تفسير المسار العام لنظرية الأدب الفارسي على امتداد انفصالها التدريجي عن تقاليد البلاغة العربية. وخلال هذه الآلية نرى أن التجسيد العربي للاستعارة ينتهي بنا إلى التجسيد الفارسي للتشبيه. ولتوضيح هذا التحول بمصطلحات قاموس رادوياني يمكن القول إن الاستعارة تنتهي إلى التشبيه. والمستعار والمستعير، وهما اثنان من ثلاثة عناصر أساسية في قاموس مجير الخاص بالاستعارة، يقابلان المصدر والنتيجة (أو الغاية) في الأنظمة الشعرية الأوروبية (13). ومقاربة مجير لهما تقودنا إلى الغاية المركزية لهذه الدراسة: وهي توثيق الانتقال من الاستعارة باللغة العربية إلى التشبيه باللغة الفارسية. ورغم ذلك إن بيت شعر مجير يربط الدلالة الشعرية بعملية التكوين (خلق أو صناعة الكون) دون أن يستعين مباشرة بقاموس التشبيه كما فعل في أماكن أخرى. ومهمتنا هنا تتلخص باكتشاف كيف أن المفهومات والشعر المرافق لها بدلا اتجاه الثقافة الأدبية الفارسية في القرن الثاني عشر. وتأخر النظرية بالنسبة لموضوعها سهل إمكانية قراءة الاستعارة الشعرية بذكر أمثلة وردت في كتب البلاغة. بهذه الطريقة أمكننا إضاءة تفاصيل ليس بمقدور النقد الأدبي، بمفرده، أن يوضحها.

******

هوامش:

1- انظر: كارلا ماليت “ما وراء المحاكاة: شعرية أرسطو في حوض المتوسط في العصور الوسطى”. PMLA – 124 (2009): 583 – 591. و ريبيكا غولد “الشعرية من أثينا إلى الأندلس: أسس ابن رشد في المقارنة”. الفيلولوجيا الحديثة 112.1 (2014): 1 – 24.

2- يفضل أرسطو الحبكة على الشخصية من منطلقات أخلاقية. يقول:” مع أننا نهتم بشخصيات من الناس لنقرر أي نوع من البشر هم، ونطلق عليهم صفة ناجح أو غير ناجح، نحن نرتكز بذلك على متابعة أفعالهم” (البويطيقا 1450 ب. في: النقد ألأدبي للعصور القديمة. تحرير: راسيل وم. ونترباتوم [أكسفورد: منشورات جامعة أكسفورد، 1972[ 98).

3- البلاغة.a 1404. ترجمة السير ريشارد جيب. (كامبردج: منشورات جامعة كامبريدج، 1909).

4- يقتبس الجرجاني عبارة معدلة قليلا وهي :”خير الشعر أكذبه” (أسرار البلاغة، تحرير رايتر – إسطنبول: منشورات المطبعة الحكومية في إسطنبول، 1954، 234).

5- لمزيد من التعمق بالوضع الحالي لهذه البحوث انظر المجموعة الهامة التي حررها غريت جان فان غيلدير ومارلي هاموند.

التخيل: الخيال في الشعرية العربية الكلاسيكية (أكسفورد: صندوق تكريم جيب، 2009).

6- بو أوتاس “التوظيف الإستاطيقي للفارسية الجديدة” أدبيات 9 (1998): 1.

7- إيفا م. جيراميا “الوعي القواعدي و النحوي بالفارسية”. في: شارل ميلفر (إعداد). وقائع المؤتمر الأوروبي الثالث للدراسات ألإيرانية المنعقد في كامبريدج 11 – 15 أيلول 1995. (ويسبادين: ريختر فيرلاغ. 1999). 20.

8- أمير خسرو دهلاوي، نوح سيبير في أمير خسرو. (إعداد) وحيد ميرزا (لندن: منشورات جامعة لندن، 1950). 173 – 173. (النص الفارسي).

9- تجد عرضا للغة الفارسية الجديدة في:

ج. لازار “نهضة اللغة الفارسية الجديدة” ر. ن. فراي (إعداد). موسوعة كامبريدج في تاريخ إيران. المجلد 4. (كامبريدج، مطبوعات جامعة كامبريدج، 1975). الفصل 19. ص: 595 – 632. تشكل اللغة الفارسية (باريس: بيتر، 1995). 49 – 80.

10- بعض هذه ألأشعار مجموعة في: ج. لازار، أساسيات الشعرية الفارسية (IXe – Xe siècles). تركيب الشظايا. تحرير وترجمة (باريس. ميزونوف، 1964). مجلدان.

11- مجير الدين بيلقاني. ديوان مجير الدين بيلقاني. تحرير محمد آبادي (تبريز، المؤسسة التاريخية والثقافية في إيران. 1358 – 48). تبريز: مؤسسة التاريخ والثقافة في إيران. 1358، 48.

12- بالنسبة لأول نوع من الاستعارة. انظر: ولفهارت هاينريش، يد الريح الشمالية: آراء عن الاستعارة و المعنى المبكر للاستعارة في الشعرية العربية

(ويسبادين: الجمعية الشرقية الألمانية. 1977).

13- أتبنى هنا مصطلحات جورج لاكوف ومارك جونسون من: الفسلفة بذاتها: العقل الضمني و تحدياته للفكر الغربي (نيويرك: بيسك بوكس، 1999). 126 – 7 و صفحات متفرقة.

والمصدر / النتيجة يقابلان بشكل تقريبي، بالتالي، موضوع / مشابهة (هاينريش) ومطرب / ناقلة (أ إ ريشاردس).

*****

*ريبيكا روث غولد Rebbeca Ruth Gould باحثة أمريكية وأستاذة الحضارة الإسلامية والأدب المقارن في جامعة برمنغهام في المملكة المتحدة.

ترجمة صالح الرزوق / باتفاق خاص مع الكاتبة ودار نشر الهجان (العراق). والمقال أعلاه مقتطفات من بحث مطول بنفس العنوان.

قد يعجبك ايضا مشاركات هذا المؤلف

أضف تعليق

Share This